يعتبر السلام من أهم شروط التعايش بين البشر فهو نقيض العنف والكراهية والتخاصم تلك الصفات التي تخلق المشاكل والحروب بين بني البشر، فغياب النزاع والعنف، وحضور ذهنيات تؤمن بدورها في بناء مجتمع يتميز بالتناغم والأمن والتفاهم والتعايش من شأنه أن يسهم في إسعاد البشرية ولقد تطور مفهوم السلام عبر التاريخ الإنساني منذ نشأة ما يسمى بالعشيرة إلى المجتمع القبلي إلى المجتمع المدني العصري، فقبل المجتمع المدني العصري كانت القبائل تضع بينها عهودا ومواثيق للتفاهم والتنسيق في السفريات والرحلات والتجارة ولما تطور المجتمع وصار على شاكلته المدنية العصرية نشأت جمعيات دولية ومنظمات حكومية وعالمية على شاكلة هيئة الأمم المتحدة لتعزز دور السلام ونبذ الخلاف والنزاعات الدولية ، وأصبح السلام مطلبا عالميا حتميا لتحقيق التعايش الدولي والصداقة بين الشعوب وضمان مبدأ الحرية للجميع وتقاسم ثروات المعمورة بين أفراد البشر على اختلاف أعراقهم وأشكالهم وألوانهم.
************************
أهمية السلام من الناحية السياسية:
تعتبر السياسة في عصرنا الحاضر هي الوسيلة السلمية للوصول إلى الحكم، وإذا غاب مفهوم السلم عن أذهان الأفراد والهيئات لم يبقى مجال لممارسة السياسة بطرق سلمية بل تعدى الأمر إلى النزاعات المسلحة والتناحر وتحول الوصول إلى الحكم ليس عن طريق الانتخابات بل عن طريق النزاع المسلح مخلفا الدمار في الأفراد والممتلكات وربما تأخر هذا الشعب عن ركب الحضارة، لذلك ولضمان استقرار البلدان يجب أن يتحول الصراع من الميدان العسكري إلى الميدان السياسي وهذا لن يتحقق إلا إذا سادت ثقافة الحوار وروح التعايش السلمي وقبول أراء وأفكار الآخرين****************************
أهمية السلام من الناحية الفكرية والثقافية:
إن انتشار ثقافة السلم واندحار ثقافة النزاع والكراهية من شأنها أن تخلق مناخا ملائما للإبداع الثقافي والفكري ، لأن توفر السلم من شأنه أن ينشر ثقافة الحوار وتبادل الآراء والمعلومات وبالتالي تدفق الأفكار وتنوع الثقافات عكس تماما عندما تنتشر الحروب والنزاعات فليس هناك مجال حينها للحوار وتبادل الأفكار، فما أعظمه من مجتمع يترك ميدان الصراع العضلي والعصبية والنزاع ويذهب إلى حلبة الصراع الفكري والثقافي.
****************************************
أهمية السلام من الناحية الاقتصادية:
عندما تنتشر الفوضى والحروب والنزاعات فليس ثمة مكان لازدهار البلدان من الناحية الاقتصادية بل على العكس تماما فهناك خراب في البنية التحتية وخراب المنشآت الاقتصادية والبشرية وضياع الأموال والممتلكات، لذلك فانتشار السلم من شأنه أن يعطي مجالا وافرا للبناء الاقتصادي من انشاء المصانع وتدفق رؤوس الأموال بسهولة وتسهيل عملية التجارة والتصدير والاستيراد ، فلا أضمن للازدهار الاقتصادي من انتشار السلم وروح التسامح.
****************
خاتمة:
لو وصلت البشرية إلى مكانة مرموقة من السلم والتعايش السلمي وروح الحوار لكانت الحياة على المعمورة أفضل بكثير مما هي عليه الآن ، لقد خسرت البشرية عقودا وسنوات من التناحر والنزاعات ولم تجني إلا الخراب والدمار في الأرواح والممتلكات، لذا فالغالبية العظمى اليوم من الناس تنشد السلام وتريد أن تعيش في هناء وطمأنينة، تعايشا يسمح بوصول الأفضل إلى القيادة، تعايشا يسمح بتنوع الثقافات والأفكار، تعايشا يسمح بتدفق رؤوس الأموال من التجارة والاقتصاد وتبادل المصالح والخبرات، وتقاسم مصادر الثروة وعائداتها.
ومن واجب الحكومات اليوم أن تفسح المجال أمام الهيئات التربوية والتعليمية لتلقين الأجيال فكر السلام والتعايش عسى أن تكون الأجيال البشرية المقبلة واعية لدور السلام في ضمان تنوعها وبقائها.