<blockquote>[size=21]عزيزي* محرر بريد الأهرام* .. أكتب إليك بعد مرور ثلاثين عاما من فاجعتي،* ودعني* سيدي* أقص عليك مشكلتي* من بدايتها*.
أنا الابن الأصغر لأحد رؤساء مصر السابقين،* وقد حكم أبي* مصر لفترة
وجيزة لا تتجاوز ثلاثين عاماً،* وتنازل أبي* عن الحكم برغم إلحاح الشعب
علي بقائه،* ولكن صحته لم تكن لتساعده،* وتحت إلحاح الجماهير اقترحت أمي*
أن أتولي أنا الحكم من بعده*. وهنا تقدم كل من أنكل سرور وصفوت وعزمي*
بالنصح لي* ولأسرتي* في* محاولة منهم لإجباري* علي* تولي* الحكم،*
ولم أكن أرغب في* ذلك،* ولكنني* رضخت لطاعة الأب والأم،* هكذا أخلاقنا
وتربيتنا،* ووافقت علي مقترح التوريث*.
مضت الأيام سيدي،* وأنا
وأمي* نساعد والدي* في* الحكم،* فقد كان أبي* متوسط الحال لا* يملك
من الدنيا شيئا سوي قطعة أرض تمتد من البحر المتوسط شمالاً* حتي السودان
جنوباً،* ومن البحر الأحمر شرقاً* حتي ليبيا* غرباً،* وكنت أنا وأبي*
وأمي* وأخي* راضين بما قسمه الله لنا،* بالرغم من أن* 85* مليون نسمة
كانوا* يدعون ملكيتهم لقطعة الأرض ويتنازعون الملكية معنا،* إلا أن أنكل
حبيب العادلي،* وهو رجل طيب لم* يرض لنا بالظلم،* حسم المسألة وأعاد
لنا قطعة الأرض،* وسارت الأمور علي نحو طيب طوال الثلاثين عاما ولم* يعكر
صفونا شيء*.
كان والدي* يعود في* المساء متعباً* من الحكم،* وكنا
ننتظره لتناول العشاء سوياً،* وكان* يعود كل ليلة وعلي وجهه بسمة وبجيبه
بضعة مليارات هي* حصيلة* يوم عمل شاق،* وكان* يعطي* ما في* جيبه
لأمي،* وكانت أمي* الطيبة تدعو له بسعة الرزق*.
ولم تكن أمي* أسعد
حالاً* من أبي،* فقد خرجت هي* أيضاً* لتعمل وتعين الأسرة علي معاشها،*
وكانت تخرج في* الصباح لتفتتح جمعية خيرية،* أو مؤسسة اجتماعية،* أو
ترأس اجتماعا وزاريا،* وكانت تعود بما قسمه الله لها من بضعة مليارات
تضعها مع أجر أبي* اليومي* في* دفتر توفير بريدي* في* سويسرا لتؤمن به
مستقبلنا*.
وكان أبي* رجلاً* صالحاً،* فهو لا* يذهب للنوم إلا بعد أن* يشاهد صلاة العشاء بالتليفزيون،* وكذلك باقي* الفروض*.
وأتذكر سيدي* بينما كنت طفلاً* في* التاسعة،* أن أًُصبت بحمي وقلقت
أمي* واستدعت طبيب الأطفال وهو الدكتور حسين كامل بهاء الدين،* وبعد
الكشف وضع أبي* يده في* جيبه ليدفع أتعاب
الطبيب،* وأحمر وجه أبي*
خجلاً،* فلم* يكن بجيبه جنيهات مصرية ليدفع للطبيب،* فكل ما في* جيبه
عبارة عن عملات أجنبية وبضعة مليارات*. وهنا تداركت أمي* الموقف وتصرفت
بلباقة،* وقالت لأبي*: لا بأس سوف أتصرف*..
وهرعت أمي* لغرفة
المكتب وأحضرت ورقة وقلماً* وأصدرت قراراً* رئاسياً* بتعيين الدكتور
وزيرا للتعليم لمدة* 20* عاما بدلاً* من العشرين جنيها أتعابا*.
وهنا تبسم أبي* الطيب وربت علي* يد أمي* الطيبة وقال لها*: ما شاء الله
علي حكمتك* يا سوزان،* ربنا* يسعدك وينصرنا علي* شعب مصر*".
الشباب يتبادلون هذه الرسالة الإفتراضية الفكاهية والتى بعثها جمال مبارك الى بريد الاهرام سنة 1940 م</blockquote>
[/size]